الشيخ محمد بقاق
الشيخ محمد بقاق ،هو أحد رجال القرآن ،والعلم الشرعي ،الذين اشتروا أنفسهم ابتغاء مرضات الله ......
فكانت ردة الفعل قوية وسريعة من قبل النخب المثقفة ،ومن الفقهاء وحفظة القرآن الكريم ، وعموم الزوايا وأعيان الأمة لمواجهة الإدارة الاستعمارية، والمطالبة بحق الجزائريين في التعليم،خاصة التعليم القرآني واللغة العربية والتاريخ الإسلامي فشهد النصف الأول من القرن العشرين حركة أو نهضة إصلاحية دينية وتعليمية وثقافية في كافة أوساط الجزائريين منقطعة النظير،ففتحت المدارس والكتاتيب والزوايا في المدن والقرى ،ونشطت البعثات التعليمية إلى مختلف أقطار العالم العربي والإسلامي خاصة جامعة الزيتونة بتونس والقرويين بالغرب والأزهر بالقاهرة .
ولقد أثمرت تلكم النهضة الإصلاحية، التي يخطئ كثير من الناس وحتى بعض الباحثين ،حين يربطون ظهورها في الجزائر بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كانت من نتائجها في الحقيقة .ذلك أن الدعوة إلى الإصلاح الديني والاجتماعي أقدم بكثير من تاريخ إنشاء جمعية العلماء كما يقرر الدكتور أبو القاسم سعد الله في كتابه" أفكار جامحة /مقال الاتجاهات الفكرية والثقافية للحركة الوطنية . لقد كان من نتائجها يقظة الحس الديني،والوطني ،والقومي ، والإنساني ،والانتماء الحضاري الذي وحد الأمة وعجل بحركة التحرر، وقيام الثورة ،وتحقيق الاستقلال ، والشروع في البناء الوطني من أجل اللحاق بالركب الحضاري والمشاركة الإيجابية الفاعلة في التقدم الإنساني .
إننا عندما نستعيد ذكرى أولئك الرجال الذين عاشوا لحظتهم التاريخية بكل مسؤولية وأمانة واقتدار، رغم قلة الإمكانيات والوسائل ،وظروف القهر والإكراهات التي كانت تفرضها ممارسات الإدارة الاستعمارية .لا نريد أن نقع أسرى روح التمجيد الفج لهؤلاء الرجال ،ولا نريد أن نجعل منهم مطية للمآرب والمغانم ، كما فعل بشهداء الثورة المباركة ،والعلماء والقادة التاريخيين الذين غدوا تراثا يؤكل أكلا لما، تعلق أسماؤهم لافتات وشعارات وأنصاب ومناسبات وجمعيات ومنظمات. شفاعة ترتجى لدى صاحب الأمر ، وأوراقا تلعب على طاولة ... وإنما نريد أن نحيا من خلالهم روح المسؤولية الجسيمة،التي نتحملها أمام الله وأمام التاريخ ،وأمام هؤلاء الرجال وأمام أجيال المستقبل .
صحيح لم يترك لنا هؤلاء الرجال مدونات ولا دراسات أو بحوثا أو مجلدات من المؤلفات ؛ الحجة التي يرفعها في وجوهنا بعض قليلي الوعي فيقول قائلهم ،وما حاجتنا إلى الحديث عن هؤلاء الشيوخ الذين أكل عليهم الدهر وشرب ،ومضى عهدهم إلى غير رجعة ؟ولكن ألا يكفيهم أنهم ذكرونا بأننا أمة لها حضارة ولها شريعة، ولنا رسالة في الحياة .علمونا كيف نتمسك بأصالتنا ،وكيف نتحمل مسئوليتنا في الظروف القاهرة ، كظروف الاستعمار التي عاشوها هم بحقيقة الدين والوطن .هذان الإرثان العظيمان اللذان ظلا يشكلان الهاجس المحرك للمقاومة ، والرفض لكل أنواع المسخ والاستلاب للمستعمر . الشيخ محمد بقاق ومن سبق ذكره من الشيوخ : هم رواد هذا الجيل الذي كان له موعد مع التاريخ .لم يكونوا من جنود العلن وإنما كانوا من جنود الخفاء. وما أكثر جنود الخفاء الذين لم يسجل التاريخ أسماءهم ، ولم يدون الكتاب سيرهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق