الموروث الشيعي في إيكجان( بني عزيز بسطيف)
من اعداد الصحفي فوزي خليل :
تشير الكثير من المصادر إلى أن قيام الدولة الفاطمية في المغرب الإسلامي
انطلاقا من بداية الدعوة الشيعية في شمال إفريقيا على يد الداعية اليمني
المسمى "أبو عبد الله الشيعي" الذي دخل المغرب الإسلامي آنذاك بصحبة حجّاج
من قبيلة "كتامة" الأمازيغية و استقر بمنطقة "إيكجــان" بين ولاية ميلة
وولاية سطيف التي أصبحت تسمى اليوم "بني عزيز" و استمرت الدعوة 13 سنة
انتهت باحتضان قبيلة كتامة لها ثم عملت على بسط نفوذ الفاطميين على كامل
المغرب الإسلامي انطلاقا من منطقة "إيكجــان" بعد معارك أدت تعتبر "إيكجان"
( بني عزيز حاليا ، شمال شرق ولاية سطيف ) الموطن الأول للدعوة الشيعية في
شمال إفريقيا، حيث عملت قبيلة كتامة على بسط النفوذ الفاطمي على كامل بلاد
المغرب الاسلامي ، بعد معارك طاحنة أدت إلى القضاء على الأغالبة و
الرستميين و الأدارسة و المدراريين بالمغرب الأقصى والمغرب الأوسط و
المغرب الأدنى، ليجعل الفاطميون من مدينة " المهديّة " بتونس العاصمة
الرسمية الأولى (ثاني عاصمة لهم بعد ايكجان) للخلافة الفاطمية سنة308هـ /920 ، ومن ثمة بويع "عبيد الله المهدي" أول خليفة فاطمي.
بالرغم من قصر مدة التواجد الشيعي الإسماعيلي في إقليم كتامة الذي دام ستة
عشر سنة بحسب المصادر التاريخية، إلا أنها تعد من الناحية العملية أكثر
مناطق المغرب الأوسط انفتاحا على الفكر الإسماعيلي على اعتبار أنها كانت
فضاءً نشطا لأشهر دعاتها ، على عكس المناطق الأخرى التي كان ارتباطها
بالفاطميين سياسيا بالدرجة الأولى. سأحاول خلال هذه الدراسة التي قام بها
الأستاذ رضا بن النية من جامعة فرحات عباس بسطيف، وألقاها خلال الملتقى
الوطني (سطيف تاريخ و حضارة يومي 24 و 25 جانفي 2012) استنادا للرواية
الشفوية و صور من الثقافة الشعبية المحلية مدعومة ببعض النصوص التاريخية (
الشيعية و السنية ) لرصد بعض من التراث الشفوي الشيعي ( غير المادي ) في
دار الهجرة بايكجان وأحوازها على التخوم الشمالية الشرقية لمنطقة سطيف مع
ميلة و جيجل. انطلاقا من جملة العادات و التقاليد المتصلة بالوجود
الإسماعيلي في المنطقة التي تناقلتها أجيال كتامة على مر القرون ، ورغم أثر
السنون ورجوع المنطقة إلى حظيرة المذهب السني إلا أن بعض هذه العادات (
التي يتجاوز انتشار بعضها حدود إقليم كتامة الدعوة ) ظلت قائمة في بلادهم
حتى عهد قريب بنا منها:
1 – عادة تقبيل اليد:
يشير الأستاذ بن النية في هذا المجال إلى أن أتباع المذهب الاسماعيلي في
بلاد المغرب في أدب لقاء الإمام ( استقبالا و توديعا ) تقبيل الأرض بين
يديه إظهارا للولاء و رجاء للبركة ، أما بين الإخوان في مرحلة الدعوة فقد
تفشت بينهم على ما يذكره القاضي النعمان تحية خاصة " إن تلاقى الرجلان
منهم تصافحا و تعانقا و قبل كل واحد يد صاحبه ، لا يأنف في ذلك شريفهم عن
مشروفهم ولا يرغب بنفسه فيه قويهم عن ضعيفهم " ،والجدير بالذكر أن آثارها
مازالت منتشرة في بعض المناطق الريفية و الجبلية إلى يومنا ، مع بعض التغير
الطفيف بأن يبقى الشيخان متصافحان ثم يسحب أحدهما يد الآخر و يقبلها و يرد
الثاني بأن يسحب يد الآخر – على هيئتها الأولى – و يقبلها .
2- لصق صور آل البيت على الجدران:
إن أخلاق وفضائل آل البيت التي قام أبو عبد الله الشيعي بنشرها بين سكان
كتامة جيملة الكبرى بمختلف فروعها، كان لها الأثر البارز في نفوسهم ، حيث
كان أفرادها يقتنون صورا رمزية فردية وجماعية لأهل الكساء (علي و فاطمة و
الحسن و الحسين ـ رضي الله عنهم ـ ) أو لرسوم ذات صلة كـسيف علي أو رسم
للسيد علي و هو يصارع " الغول " ،فيها كثيرا من الإيحائية للشجاعة و
الإقدام ، و يعلقونها على جدران بيوتهم .ولفاطمة بنت النبي صلى الله عليه
وسلم التي كان يضاف عند ذكر اسمها لفظ " لالا " حضور متميز في الذاكرة
التراثية المحلية ، فلا تكاد أسرة كبيرة تخلو من هذا الاسم ، كما نجدها
حاضرة في نذورهم و تسلية أطفالهم و تسابيحهم في الأعياد والأفراح وجل
المناسبات .
وقد ذكر صاحب الدراسة أن بعض من كبار السن أخبروه أنها ظلت سائدة حتى وقت
قريب يمتد إلى نهاية العقد الثامن من القرن الماضي ، و أن هذه الملصقات لم
تقترن فقط بآل البيت بل تعدتهم إلى بعض الأنبياء كآدم و إبراهيم – عليهما
السلام – .
3 – الأيمان :
توجد فئة كبيرة جدا من الناس – و في كامل القطر الجزائري – لا تتوانى في
أن تقسم بغير اسم الله عز وجل مثل قول: حق النبي – حق الستين حزب –كما يحلف
المرء بأولاده أو بشخص يعزه .فقد كان بعض الكتاميين بايكجان و ما يجاورها
حتى وقت قريب ينذر باسم فاطمة – رضي الله عنها – ولفظها : حق لالا فاطمة
بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن استخدامها تلاشى تدريجيا في الفترة
الحالية .............
نقلا عن جريدة سطيف نيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق